تلعب الوساطة دورا مهما في حل النزاعات القائمة بين العمال وأرباب العمل، وتعتبر أهم الوسائل القانونيّة البديلة التي يتم اللجوء إليها بعد اتفاق أفراد النزاع على استخدامها للوصول إلى تطبيقِ حل مناسب للنزاع، عن طريق تقريب وجهات النظر، والآراء بينهم.
وتقتضي الوساطة وجود طرف ثالث للقيام بدور الوسيط، حيث تنص مدونة العمل في موريتانيا أنه في حالة الفشل الكلي أو الجزئي في حل النزاع القائم طبقا للمادة 342 فإنه يجب على المدير العام للعمل أن يعرض النزاعات الجماعية على لجنة الوساطة خلال موعد أقصاه الخمسة عشر يوما التالية لوصول الملف إليه، وذلك بعد تعيين أعضاء اللجنة بطلب من الوزير المكلف بالعمل موجه إلى كل من أرباب العمل والنقابات، وتتمتع هذه اللجنة بنفس صلاحيات القائم بالتوفيق، ويتم اتخاذ التوصيات بالأغلبية، وتتألف اللجنة من:
- المدير العام للعمل أو ممثله رئيسا
- والي الولاية أو ممثله الذي نشأ النزاع في دائرة اختصاصه
- ممثل عن أصحاب العمل معين من طرف وزير العمل
- ممثل عن العمال معين من طرف وزير العمل
ويتعزز دور لجنة الوساطة من خلال:
- تسهيل الوسائل، وطرق النقاش بين أطراف النزاع، عن طريق تقريب وجهات النظر، والآراء بينهم؛
- تعزيز شعور أطراف النزاع بالمسؤوليّة القانونية اتجاه القضية؛
- دعم أهمية حل القضية المتنازع عليها عن طريق وضع الوسيط مجموعة من البدائل القانونية والمناسبة لحل النزاع؛
- المساهمة في المحافظة على استقلالية كل طرف من أطراف النزاع.
وتطبق الوساطة القانونية في حل النزاعات بالاعتماد على المراحل والإجراءات التالية:
- يجب على الأطراف أن يبينوا الأماكن التي يختارونها كموطن من أجل الاستلام والتبليغ وإذا تعذر ذلك فإن المفتشية المختصة تصبح هي مكان التبليغ.
- يجب على الاطراف وأعضاء اللجنة أن يحضروا في اليوم والساعة المحددة للجلسة أو أن يعمل الاطراف على تمثيلهم كتابة وهناك حالتان:
1-في حالة توصل الاطراف إلى توافق كلي تعد اللجنة محضرا بذلك ويتم توقيعه من قبل أعضاء ا اللجنة والأطراف
وينهي النزاع وهو قابل للتنفيذ أمام محاكم الشغل المختصة لصالح الطرف المتضرر.
2-أما في حالة عدم وفاق كلي أو جزئي أو غياب أحد الاطراف تعد اللجنة محضر عدم وفاق يتكون من جزئيين
* الجزء الأول محضر عدم صلح كلي أو جزئي يوقع من قبل الاطراف وأعضاء اللجنة
* الجزء الثاني توصيات ومقترحات لجنة الوساطة يوقعه أعضاء اللجنة فقط.
* يمتلك الاطراف أربعة أيام من أجل معارضة ما جاء في توصيات اللجنة وهناك حالتان:
* في حالة لم يعارض أحد الاطراف توصيات اللجنة في أجل أربعة أيام تصبح نافذة وينتهي النزاع
* أما في حالة تمت معارضة التوصيات فإن الملف يحال دون تأخير إلى الوزير المكلف بالعمل الذي يجوز له أن يرفعه إلى مجلس التحكيم.
لا يجوز للجنة الوساطة أن تنظر إلا في نقاط النزاع المذكورة في محضر القائم بالتوفيق والتي لا تزال موضع خلاف وفي كل النقاط التي نتجت عن أحداث لاحقة لهذا المحضر ولها نفس الصلاحيات المخولة للقائم بالتوفيق ويلزم أعضاء اللجنة بالمحافظة على السر المهني.
كما لا يجوز أن تزيد مدة الوساطة على مائة وعشرين يوما اعتبارا من تاريخ استلام المدير العام للعمل محضر الغياب أو عدم التوفيق الكلي أو الجزئي المحرر من قبل القائم بالتوفيق وإذا انقضى الموعد الأنف الذكر ولم يحرر محضر بالتوفيق أو عدم التوفيق يجب على رئس اللجنة أن يحيل الملف دون تأخير إلى وزير العمل.
وعليه فإن الوساطة تعتبر أسهل الطرق القانونية للوصول إلى حلولٍ بين أطراف النزاع في أقلِ وقتٍ، وجهدٍ، وتكلفةٍ ممكنة.
د. محمد البشير السالك